فصل: تفسير الآية رقم (15):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآية رقم (9):

{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)}
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} بدل من {إِذْ يَعِدُكُمُ} أو متعلق بقوله: {ليحق} بقوله: {لِيُحِقَّ الحق}، أو على إضمار اذكر، واستغاثتهم أنهم لما علموا أن لا محيص عن القتال أخذوا يقولون: أي رب انصرنا على عدوك أغثنا يا غياث المستغيثين، وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه عليه السلام نظر إلى المشركين وهم ألف وإلى أصحابه وهم ثلاثمائة، فاستقبل القبلة ومد يديه يدعو: «اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض» فما زال كذلك حتى سقط رداؤه فقال أبو بكر يا نبي الله: كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك. {فاستجاب لَكُمْ أَنّي مُمِدُّكُمْ} بأني ممدكم، فحذف الجار وسلط عليه الفعل وقرأ أبو عمرو بالكسر على إرادة القول أو إجراء استجاب مجرى قال لأن الاستجابة من القول. {بِأَلْفٍ مّنَ الملئكة مُرْدِفِينَ} متبعين المؤمنين أو بعضهم بعضاً من أردفته أنا إذا جئت بعده، أو متبعين بعضهم بعض المؤمنين، أو أنفسهم المؤمنين من أردفته إياه فردفه. وقرأ نافع ويعقوب {مُرْدِفِينَ} بفتح الدال أي متبعين بمعنى أنهم كانوا مقدمة الجيش أو ساقتهم. وقرئ: {مُرْدِفِينَ} بكسر الراء وضمها وأصله مرتدفين بمعنى مترادفين فأدغمت التاء في الدال فالتقى ساكنان فحركت الراء بالكسر على الأصل أو بالضم على الإتباع. وقرئ: {بآلاف} ليوافق ما في سورة (آل عمران)، ووجه التوفيق بينه وبين المشهور أن المراد بالألف الذين كانوا على المقدمة أو الساقة، أو وجوههم وأعيانهم، أو من قاتل منهم واختلف في مقاتلتهم وقد روي أخبار تدل عليها.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}
{وَمَا جَعَلَهُ الله} أي الإمداد {إِلاَّ بشرى} إلا بشارة لكم بالنصر. {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} فيزول ما بها من الوجل لقلتكم وذلتكم. {وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وإمداد الملائكة وكثرة العدد والأهب ونحوهما وسائط لا تأثير لها فلا تحسبوا النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها.

.تفسير الآية رقم (11):

{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}
{إِذْ يُغَشّيكُمُ النعاس} بدل ثان من {إِذْ يَعِدُكُمُ} لإِظهار نعمة ثالثة أو متعلق بالنصر أو بما في عند الله معنى الفعل، أو بجعل أو بإضمار اذكر. وقرأ نافع بالتخفيف من أغشيته الشيء إذا غشيته إياه والفاعل على القراءتين هو الله تعالى وقرأ ابن كثير وأبو عمر {يغشاكم النعاس} بالرفع. {أَمَنَةً مّنْهُ} أمنا من الله، وهو مفعول له باعتبار المعنى فإن قوله: {يُغَشّيكُمُ النعاس} متضمن معنى تنعسون، و{يغشاكم} بمعناه، وال {ءامِنَةً} فعل لفاعله ويجوز أن يراد بها الإِيمان فيكون فعل المغشي، وأن تجعل على القراءة الأخيرة فعل النعاس على المجاز لأنها لأصحابه، أو لأنه كان من حقه أن لا يغشاكم لشدة الخوف فلما غشيهم فكأنه حصلت له أمنة من الله لولاها لم يغشهم كقوله:
يَهَابُ النَّوْمُ أنْ يَغْشَى عُيُونا ** تَهَابُكَ فَهُوَ نَفَّارٌ شَرُودُ

وَقرئ: {ءامِنَةً} كرحمة وهي لغة. {وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السماء مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ} من الحدث والجنابة. {وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشيطان} يعني الجنابة لأنها من تخييله، أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش. روي أنهم نزلوا في كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء وناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء، فوسوس إليهم الشيطان وقال: كيف تنصرون، وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون محدثين مجنبين وتزعمون أنكم أولياء الله، وفيكم رسوله فأشفقوا فأنزل الله المطر، فمطروا ليلاً حتى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضؤوا، وتلبد الرمل الذي بينهم وبين العدو حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة. {وَلِيَرْبِطَ على قُلُوبِكُمْ} بالوثوق على لطف الله بهم. {وَيُثَبّتَ بِهِ الأقدام} أي بالمطر حتى لا تسوخ في الرمل، أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة.

.تفسير الآية رقم (12):

{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)}
{إِذْ يُوحِى رَبُّكَ} بدل ثالث أو متعلق بيثبت. {إِلَى الملئكة أَنّي مَعَكُمْ} في إعانتهم وتثبيتهم وهو مفعول {يُوحِى}. وقرئ بالكسر على إرادة القول أو إجراء الوحي مجراه. {فَثَبّتُواْ الذين ءامَنُواْ} بالبشارة أو بتكثير سوادهم، أو بمحاربة أعدائهم فيكون قوله: {سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} كالتفسير لقوله: {أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُواْ}، وفيه دليل على أنهم قاتلوا ومن منع ذلك جعل الخطاب فيه مع المؤمنين إما على تغيير الخطاب أو على أن قوله: {سَأُلْقِى} إلى قوله: {كُلَّ بَنَانٍ} تلقين للملائكة ما يثبتون المؤمنين به كأنه قال؛ قولوا لهم قوْلي هذا. {فاضربوا فَوْقَ الأعناق} أعاليها التي هي المذابح أو الرؤوس. {واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} أصابع أي جزوا رقابهم واقطعوا أطرافهم.

.تفسير الآية رقم (13):

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)}
{ذلك} إشارة إلى الضرب أو الأمر به والخطاب للرسول، أو لكل أحد من المخاطبين قبل. {بِأَنَّهُمْ شَاقُّواْ الله وَرَسُولَهُ} بسبب مشاقتهم لهما واشتقاقه من الشق لأن كلا من المتعادين في شق خلاف شق الآخر كالمعاداة من العدوة والمخاصمة من الخصم وهو الجانب. {وَمَن يُشَاقِقِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب} تقرير للتعليل أو وعيد بما أعد لهم في الآخرة بعد ما حاق بهم في الدنيا.

.تفسير الآية رقم (14):

{ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14)}
{ذلكم} الخطاب فيه مع الكفرة على طريقة الالتفات ومحله الرفع أي: الأمر ذلكم أو ذلكم واقع أو نصب يفعل دل عليه. {فَذُوقُوهُ} أو غيره مثل باشروا أو عليكم فتكون الفاء عاطفة. {وَأَنَّ للكافرين عَذَابَ النار} عطف على ذلكم أو نصب على المفعول معه، والمعنى ذوقوا ما عجل لكم مع ما أجل لكم في الآخرة. ووضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على أن الكفر سبب العذاب الآجل أو الجمع بينهما. وقرئ: {وَأَنْ} بالكسر على الاستئناف.

.تفسير الآية رقم (15):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15)}
{يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ زَحْفاً} كثيراً بحيث يرى لكثرتهم كأنهم يزحفون، وهو مصدر زحف الصبي إذا دب على مقعده قليلاً قليلاً، سمي به وجمع على زحوف وانتصابه على الحال. {فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأدبار} بالانهزام فضلاً أن يكونوا مثلكم أو أقل منكم، والأظهر أنها محكمة مخصوصة بقوله: {حَرّضِ المؤمنين عَلَى القتال} الآية، ويجوز أن ينتصب زحفاً حالاً من الفاعل والمفعول أي: إذا لقيتموهم متزحفين يدبون إليكم وتدبون إليهم فلا تنهزموا، أو من الفاعل وحده ويكون إشعاراً بما سيكون منهم يوم حنين حين تولوا وهم إِثنا عشر ألفاً.

.تفسير الآيات (16- 20):

{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)}
{وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرّفاً لّقِتَالٍ} يريد الكر بعد الفر وتغرير العدو، فإنه من مكايد الحرب. {أَوْ مُتَحَيّزاً إلى فِئَةٍ} أو منحازاً إلى فئة أخرى من المسلمين على القرب ليستعين بهم، ومنهم من لم يعتبر القرب لما روى ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان في سرية بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ففروا إلى المدينة فقلت: يا رسول الله نحن الفرارون فقال: «بل أنتم العكارون وأنا فئتكم» وانتصاب متحرفاً ومتحيزاً على الحال وإلا لغو لا عمل لها، أو الاستثناء من المولين أي إلا رجلاً متحرفاً أو متحيزاً، ووزن متحير متفيعل لا متفعل وإلا لكان متحوزاً لأنه من حاز يحوز. {فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مّنَ الله وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير} هذا إذا لم يزد العدو على الضعف لقوله: {الئان خَفَّفَ الله عَنكُمْ} الآية، وقيل الآية مخصوصة بأهل بيته والحاضرين معه في الحرب.
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} بقوتكم. {ولكن الله قَتَلَهُمْ} بنصركم وتسليطكم عليهم وإلقاء الرعب في قلوبهم. روي: أنه لما طلعت قريش من العقنقل قال عليه الصلاة والسلام: هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني فأتاه جبريل عليه السلام وقال له: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فلما التقى الجمعان تناول كفاً من الحصباء فرمى بها في وجوههم وقال: «شاهت الوجوه»، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر فيقول الرجل قتلت وأسرت، فنزلت. والفاء جواب شرط محذوف تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم. {وَمَا رَمَيْتَ} يا محمد رمياً توصله إلى أعينهم ولم تقدر عليه. {إِذْ رَمَيْتَ} أي إذ أتيت بصورة الرمي. {ولكن الله رمى} أتى بما هو غاية الرمي فأوصلها إلى أعينهم جميعاً حتى انهزموا وتمكنتم من قطع دابرهم، وقد عرفت أن اللفظ يطلق على المسمى وعلى ما هو كماله والمقصود منه. وقيل معناه ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم. وقيل إنه نزل في طعنة طعن بها أبي بن خلف يوم أحد ولم يخرج منه دم فجعل يخور حتى مات. أو رمية سهم رماه يوم خيبر نحو الحصن فأصاب كنانة بن أبي الحقيق على فراشه، والجمهور على الأول. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي {ولكن} بالتخفيف ورفع ما بعده في الموضعين. {وَلِيُبْلِىَ المؤمنين مِنْهُ بَلاء حَسَنًا} ولينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة ومشاهدة الآيات فعل ما فعل. {إِنَّ الله سَمِيعٌ} لاستغاثتهم ودعائهم. {عَلِيمٌ} بنياتهم وأحوالهم.
{ذلكم} إشارة إلى البلاء الحسن، أو القتل أو الرمي، ومحله الرفع أي المقصود أو الأمر ذلكم وقوله: {وَأَنَّ الله مُوهِنُ كَيْدِ الكافرين} معطوف عليه أي المقصود إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وإبطال حيلهم.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {مُوهِنُ} بالتشديد، وحفص {مُوهِنُ كَيْدِ} بالإِضافة والتخفيف.
{إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الفتح} خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم، وذلك أنهم حين أرادوا الخروج تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين. {وَإِن تَنتَهُواْ} عن الكفر ومعاداة الرسول {فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} لتضمنه سلامة الدارين وخير المنزلين. {وَإِن تَعُودُواْ} لمحاربته. {نَعُدُّ} لنصرته عليكم. {وَلَن تُغْنِىَ} ولن تدفع. {عَنكُمْ فِئَتُكُمْ} جماعتكم. {شَيْئاً} من الإغناء أو المضار. {وَلَوْ كَثُرَتْ} فئتكم. {وَأَنَّ الله مَعَ المؤمنين} بالنصر والمعونة. وقرأ نافع وابن عامر وحفص {وَأَنْ} بالفتح على تقدير ولأن الله مع المؤمنين كان ذلك. وقيل الآية خطاب للمؤمنين والمعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن التكاسل في القتال والرغبة عما يستأثره الرسول فهو خير لكم وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار أو تهييج العدو، ولن تغني حينئذ كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر فإنه مع الكاملين في إيمانهم ويؤيد ذلك.
{يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ} أي ولا تتولوا عن الرسول، فإن المراد من الآية الأمر بطاعته والنهي عن الإِعراض عنه، وذكر طاعة الله للتوطئة والتنبيه على أن طاعة الله في طاعة الرسول لقوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله} وقيل الضمير للجهاد أو للأمر الذي دل عليه الطاعة. {وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} القرآن والمواعظ سماع فهم وتصديق.

.تفسير الآية رقم (21):

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)}
{وَلاَ تَكُونُواْ كالذين قَالُواْ سَمِعْنَا} كالكفرة والمنافقين الذين ادعوا السماع. {وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} سماعاً ينتفعون به فكأنهم لا يسمعون رأساً.

.تفسير الآية رقم (22):

{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)}
{إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله} شر ما يدب على الأرض، أو شر البهائم. {الصم} عن الحق. {البكم الذين لاَ يَعْقِلُونَ} إياه، عدهم من البهائم ثم جعلهم شرها لإِبطالهم ما ميزوا به وفضلوا لأجله.

.تفسير الآية رقم (23):

{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)}
{وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْرًا} سعادة كتبت لهم أو انتفاعاً بالآيات. {لأَسْمَعَهُمْ} سماع تفهم. {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} وقد علم أن لا خير فيهم. {لَتَوَلَّواْ} ولم ينتفعوا به، أو ارتدوا بعد التصديق والقبول. {وَهُم مُّعْرِضُونَ} لعنادهم. وقيل كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: أحيي لنا قصياً فإنه كان شيخاً مباركاً حتى يشهد لك ونؤمن بك. والمعنى لأسمعهم كلام قصي.